وأما عاصم بن عمر: فولد قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين. وأمُّه جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح أخت عاصم حمي الدبر، وقيل هي بنت عاصم والأول أكثر. وكان اسمها عاصية، فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها وسماها جميلة. وخاصمت في عاصمٍ جدته أباه عمر حين أراد أخذه بعدما فارق أمه إلى أبي بكر الصديق، وه ابن أربع سنين. وذكر مالك خبر عمر مع جدة ولده عاصم في الموطأ، ولم يذكر سنَّه.
مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها فجاء عمر قباء، فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذه بعضده، فوضعه بين يديه على الدابَّة، فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق. فقال عمر: ابني. وقالت المرأة: ابني. فقال أبو بكر: خل بينها وبينه. قال: فما راجعه عمر الكلام. قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي أخذ به في ذلك.
وكان عاصم بن عمر طويلاً جسيماً. يقال إنه كان في ذراعه ذراع ونحو شبر. وكان خيِّراً فاضلاً يكني أبا عمر، ومات سنة سبعين قبل موت أخيه عبد الله بنحو أربع سنين. ومات عاصم وعبد الله غائب، فلما قدم وقف على قبره فقال يريثه:
فإن تك أحزان وفائض عبرةٍ ... جرين دماً من داخل الجوف منقعا
تجرَّعتها في عاصم واحتسبتها ... فأعظم منها ما احتسى وتجرَّعا
دفعت بك الأيام، حتى إذا أتت ... تريدك لم تسطع لها عنك مدفعا