وتزوَّج عثمان رُقيَّة بمكة حين فارقها عُتبة بن أبي لهب. وهاجرت معه إلى أرض الحبشة. وولد له منها غلام سماه عبد الله. واكتنى به. فبلغ ست سنين فنقر عينه ديك فتورَّم وجهه ومرض ومات. وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة أربعة من الهجرة، وصلَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرته أبوه عثمان رحمه الله.
وماتت رُقيَّة سنة ثنتين من الهجرة حين أتى خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليه يوم بدر. وتزوَّج بعدها أختها أمُّ كلثوم في ربيع الأول من السنة الثالثة من الهجرة. وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وتوفيت أمُّ كلثوم سنة تسع من الهجرة، وصلَّى عليها أبوها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرتها عليٌّ والفضل وأسامة بن زيد. وغسَّلتها أسماء بنت عُميس وصفية بنت عبد المطلب. وشهدت أمُّ عطية الأنصارية غسلها. واسمها نسيبة بن الحارث. وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر " الحديث.
ومن أجله كانت بيعة الرضوان بالحديبية، حين أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر الكاذب بأن عثمان قد قُتِل. فجمع أصحابه فبايعوه على قتال أهل مكة يومئذ. وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عثمان حينئذ بإحدى يديه للأخرى. وروي عن ابن عمر أنه قال:" يدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يد عثمان لنفسه ". وروي عن عثمان عبد الله بن موهَب أن رجلا من أهل مصر حجَّ البيت فرأى قوما جلوسا فقال: من هؤلاء؟ قالوا: قريش. قال: فمن هذا الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر. فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء فحدِّثنيه أنشدك بربِّ هذا البيت. أتعلم أن عثمان فرَّ يوم أُحُد؟ قال: نعم. قال: أتعلم أنه تغيَّب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: أتعلم أنه تغيّب يوم بدر فلم يشهده؟ قال: نعم. قال: الله أكبر. فقال ابن عمر: تعال أبيِّن لك ما سألت. أمَّا فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له. وأمَّا تغيُّبه يوم بدر فإنه كانت عنده " أو تحته " ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه " وأمَّا تغيُّبه عن بيعة الرضوان فلو كان