وقال ابن شهاب: أخبرني أنس عن مالك أن حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمان، وكانوا يقاتلون على مَرَج أرمينية فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين إني قد سمعت الناس قد اختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى. حتى إن الرجل ليقوم فيقول: هذه قراءة فلان. فقال: فأرسل عثمان إلى حفصة: أرسلي إلينا بالصحف فننسخها في المصاحف، ثم نردَّها إليك. قال: فأرسلت إليه في الصحف قال: فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابت وإلى عبد الله بن عمرو بن العاصي وإلى عبد الله بن الزبير وإلى ابن عباس وإلى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: انسخوا هذه الصحف في مصحف واحد. وقال للقرشيين: إن اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه على لسان قريش، فإنما نزل بلسان قريش. قال زيد: فجعلنا نختلف في الشيء، ثم نجمع أمرنا على رأي واحد. فاختلفوا في " التابوت "، فقال زيد: التابوه، وقال النفر القرشيون: التابوت، قال: فأبيت أن أرجع إليهم، وأبوا أن يرجعوا إليَّ، حتى رفعنا ذلك إلى عثمان، فقال عثمان: اكتبوه التابوت، فإنَّما أُنزل القرآن على لسان قريش. قال زيد: فذكرت آية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أجدها عند أحد حتى وجدتها عند رجل من الأنصار؛ خُزيمة بن ثابت:) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم (.
قال ابن شهاب: قال أنس: فردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وألغى ما سوى ذلك من المصاحف. وحدَّث عليُّ بن عبد العزيز قال: نا القاسم بن سلام قال: نا ابن مهدي عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس حين شقَّق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد. قال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ المدائنيُّ الحافظ يرحمه الله: أكثر العلماء على أن عثمان بن عفَّان رضي الله عنه لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كلِّ ناحية من النواحي بواحدة منهنَّ. فوجَّه إلى الكوفة إحداهنَّ، وإلى البصرة أخرى، وإلى الشام الثالثة، وأمسك عند نفسه واحدة، وهذا هو القول الأصحُّ، وعليه الأئمة.
وفي أيام عثمان استفتحت بلاد فارس وطبرستان وكرمان وسجستان