للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل لنا أبو داود عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، سُئِلُوا عَنِ الْبِكْرِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلاَثًا؟ فَكُلُّهُمْ قَالُوا: «لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» (١).

وروى أبو داود عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ تَتَابَعُوا فِيهَا، قَالَ: أَجِيزُوهُنَّ عَلَيْهِمْ» (٢). لما رأى عمر الناس يتابعون إيقاع الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد، استشار الصحابة في أنْ يجيزوها ثلاثاً زجراً لهم. فأوقعها عمر ثلاثاً (٣)، والظاهر من فتوى أبي هريرة أنها كانت بعد أنْ أجرى عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إيقاع الثلاث زجراً للناس.

وكان حُبُّهُ لرسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يظهر من خلال حديثه عنه، فكان أحياناً يقول: «حَدَّثَنِي الصَّادِقُ المَصْدُوقُ»، وأحياناً: «حَدَّثَنِي خليلي أبو ألقاسم»، ومَرَّةً يقول: «حَدَّثَنِي حَبِيبِي مُحَمَّدٌ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، وقد يقول: «قَالَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَخْنَقُهُ عَبْرَةُ الذِّكْرَى وَيَنْهَضُ مِنْ مَجْلِسِهِ» (٤).

وكان يبتدئ حديثه بحديث: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ». روى عاصم بن كليب عن أبيه قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: - وكان يبتدئ حديثه بأنْ يقول -: قال رسول الله، أبو القاسم الصادق المصدوق: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (٥).


(١) انظر " سنن أبي داود ": ص ٥٠٩، جـ ١.
(٢) " سنن أبي داود ": ص ٥٠٩، جـ ١.
(٣) انظر بسط أقوال الأئمة من الصحابة والتابعين وأهل العلم من بعدهم في «الطلاق ثلاثاً» في " نيل الأوطار " للشوكاني: ص ٢٤٥ - ٢٤٨، جـ ٦.
(٤) انظر " البداية والنهاية ": ص ١٠٧، جـ ٨. و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٠، جـ ٤٧.

<<  <   >  >>