للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصف لنا مُحَمَّدٌ بنِ عُمَارَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ مَجْلِساً لأَبِي هُرَيْرَةَ فَيَقُولُ: أَنَّهُ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ فِيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَفِيْهِ مَشْيَخَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالحَدِيْثِ، فَلاَ يَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ يَعْرِفُهُ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً. قَالَ: «فَعَرَفْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ أَحْفَظُ النَّاسِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (١).

وقد وثق الناس بأبي هريرة وعرفوا مكانته، فكانوا يتواعدون لينطلقوا إليه، فيسمعوا حديثه عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من ذلك ما رواه مكحول قال: «تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قُبَّةٍ من قباب معاوية، فاجتمعوا فيها، فقام أبو هريرة، فحدَّثهُم عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أصبح» (٢).

وعن محمد بن سيرين «أنَّ أبا هريرة كان يقوم كل خميس فيُحَدِّثَهُمْ» (٣).

وعن عاصم بن محمد عن أبيه قال: «رأيت أبا هريرة يخرج يوم الجمعة، فيقبض على رمانتي المنبر، ويقول: «حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ»، فلا يزال يُحَدِّثُ حتى يسمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام فيجلس» (٤).

وقد عرف الصحابة والتابعون سعة علمه، ومكانته من الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكانوا لا يرونه في مكان إلاَّ اجتمعوا حوله ينهلون من علمه، ولم يقتصر ذلك على المدينة فحسب، بل تعدَّاهُ إلى الشام والعراق، روى الإمام أحمد عن سفيان بن عُيينة قال: قال إسماعين بن أبي خالد،


(١) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٤، جـ ٢. وقد أخرجه البخاري في " تاريخه " والبيهقي في " المدخل ". انظر " فتح الباري ": ص ٢٢٥، جـ ١.
(٢) انظر " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١١٤، و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٢، جـ ٢. و " البداية والنهاية ": ص ١٠٦، جـ ٨.
(٣) انظر " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١١٣: ب.
(٤) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٦ - ٤٤٧، جـ ٢.

<<  <   >  >>