للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونأخذ به؟ أم أنَّ المؤلف يرى في الخبر الثاني توكيداً لإمارته على المدينة؟ إنَّ له ما أراد وما اختار من الروايات المتعارضة!!.

وأما ما ذكره في الهامش من صفحة [٣٩] رواية عن الثوري فقد نقلها إلينا أبو جعفر الإسكافي وجرَّبنا عليه الكذب والطعن في الصحابة فروايته هذه غير مقبولة من طريقه، وهناك رواية عن أبي هريرة ليست فيها الزيادة وَرَدِّ الشاب عليه «فأشهد بالله لقد واليتَ ... » التي ذكرها الإسكافي، فالرواية عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع إليه الناس فقام إليه شاب فقال: أنشدك بالله سمعت رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»؟ قال: «إني أشهد أني سمعت رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ». رواه أبو يعلى والبزار بنحوه (١).

إنَّ هذه الرواية تثبت مكانة أبي هريرة عند أهل العراق، إذ يستشهدونه عن سماعه لحديث مكانة عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بخلاف ما ذهب إليه الكاتب، وليس فيها تلك الزيادة التي ألحقت لحاجة في نفس صانعها، وحاول أنْ يُدَلِّسَ على الناس حقيقة الحديث ... وهكذا ينكشف أمر هؤلاء الذين خاضوا في الصحابة وأعراضهم وعدالتهم ودينهم ... ولم تكن هذه الحادثة صعفة أليمة (٢) من ذلك الشاب لأبي هريرة، بل كانت صفعة قاضية من الحق لأعدائه!!

ويتابع المؤلف افتراءه على أبي هريرة ويتَّهمه بالولاء للأمويِّين حتى زعم أنَّ أبا هريرة كان يرتجل الأحاديث يدافع بها عن منافقي بني أميَّة (٣) الذين لعنهم رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ...


(١) " مجمع الزوائد ": ص ١٠٥، جـ ٩ وقال: «وَفِي أَحَدِ إِسْنَادَيْ الْبَزَّارِ رَجُلٌ غَيْرُ مُسَمًّى، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ فِي الآخَرِ، وَفِي إِسْنَادِ أَبِي يَعْلَى (دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ)» فالحديث صحيح في إحدى روايتي البزار.
(٢) إشارة لما قاله مؤلف " أضواء على السُنَّة المحمدية ": في الصفحة ١٩١.
(٣) انظر كتاب " أبو هريرة " لعبد الحسين: ص ٣٩.

<<  <   >  >>