للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجرَّار. ومع هذا فإنَّ جميع ما رُوِيَ عنها إنما هو عشرة مسانيد ومائتا مسند وألفا مسند، فحديثها كله أقل من نصف حديث أبي هريرة.

ولو ضممت حديثها وحديث أم سلمة مع بقائها إلى ما بعد وقعة الطَفِّ وجمعت ذلك كله إلى حديث البقية من أمهات المؤمنين، وحديث سَيِّدَيْ شباب أهل الجنة، وسيِّدة نساء العالمين وحديث الأربعة من خلفاء المسلمين ما كان كله إلاَّ دون حديث أبي هريرة وحده! وهذا أمر مهول الفت إليه أرباب العقول ... ».

ثم يطعن في حديث الوعاءين، ويستشهد بأقوال أبي هريرة في ذلك، ثم يقول: «قلت: إنَّ أبا هريرة لم يكن من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِِيَّ عهده، ولا خليفته من بعده، ليؤثره بأسراره، ويُفضي إليه من العلوم ما لم يفض بها إلى أحد من خاصَّته. وما الفائدة بإفضاء تلك الأسرار إليه؟ وهو رجل ضعيف ذو مهانة تمنعه أنْ ينبس في شيء منها ببنت شفة، فإذا نبس رجم بالحجارة، ورمي بالبعر وبالمزابل، وإذا حدَّثَ بشيء من تلك العلوم قطعوا منه البلعوم».

ويستغرب كيف لا يفضي بها إلى الخلفاء من بعده؟ ويرى قول أبي هريرة «إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ يَكْتُمُ، وَلاَ يَكْتُبُ» يعارض حديث حفظ الوعاءين، وهو صريح في أنه كان يكتم؛ ثم يستهزئ بما كتم أبو هريرة، ويتساءل: هل أحد الوعاءين من باب الأسرار الإلهية ... ثم يتساءل عن بعض أحاديث حَدَّثَ بها، وقد وردت في " الصحيحين "، وفهمهما الجمهور من غير لبس، وجميع أهل السُنَّة صِحَّتَهَا، ولكنه أراد أنْ يتهكَّمَ ويسخر من أبي هريرة (١) وإنَّ ضِيقَ تفكيره، وتحامله على اصحاب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعله يفهم هذه الأحاديث فهماً خاطئاً، ويحملها على غير مواضعها.

ثم يرى حديث أبي هريرة: «مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ الله بن عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ» يعارض


(١) انظر " أبو هريرة ": ص ٥٠ - ٥٢.

<<  <   >  >>