للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثرة حديث أبي هريرة، ويرى أنه إقرار صريح من أبي هريرة بأنَّ ابن عمرو أكثر منه حديثاً. وقد بلغ مسند عبد الله بن عمرو (٧٠٠) حديثاً.

ثم يزعم أنَّ العلماء حاروا في أمر أبي هريرة ولم يروا مخرجاً له، اللهم إلاَّ ما علَّله ابن حجر العسقلاني والشيخ زكريا الأنصاري، بأنَّ عبد الله بن عمرو وقطن مصر بينما سكن أبو هريرة المدينة مقصد المسلمين. ومع هذا يرى كلام أبي هريرة صريحاً يحبط تأويل واعتذار القسطلاني والأنصاري.

ويعود ليقارن بين مقام أبي هريرة في المدينة وعبد الله بن عمرو في مصر ويغمز جانب أبي هريرة ويجعله من المتَّهمين عند من يفد إلى المدينة ويقول: «وكثيراً ما كانوا ينقمون عليه إكثاره على رسول الله فيقولون إنَّ أبا هريرة يكثر الحديث، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدِّثون مثل حديثه ... ».

وينتهي الباحث النزيه من تحقيقه هذا في كثرة أحاديث أبي هريرة إلى النتيجة الآتية حيث يقول: «والحق أنَّ أبا هريرة إنما اعترف (١) لعبد الله في أوائل أمره بعد رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين لم يكن مفرطاً هذا الإفراط الفاحش، فإنه إنما تفاقم إفراطه وطغى فيه على عهد معاوية حيث لا أبو بكر ولا عمر ولا عليٌّ ولا غيرهم من شيوخ الصحابة الذين يخشاهم أبو هريرة».

من الغريب أنْ يعجب الكاتب لكثرة حديث أبي هريرة، ومن العجيب أنْ يثير هذا في القرن العشرين!! فهل يعجب من قوة ذاكرة أبي هريرة أنْ تجمع (٥٣٧٤) حديثاً؟ أم يعجب أنْ يحمل هذه الكثرة عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلال ثلاث سنوات؟.

إذا كان يعجب من قوة حافظة أبي هريرة فليس هذا مجالاً للدهشة والطعن، لأنَّ كثيراً من العرب قد حفظوا أضعاف أضعاف ما حفظه أبو هريرة، فكثير من الصحابة حفظوا القرآن الكريم والحديث والأشعار،


(١) يشير المؤلف إلى حديث أبي هريرة: «مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي».

<<  <   >  >>