للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بْن عَمْرو أَيْ: اِبْن الْعَاصِ عَلَى مَا عِنْده: وَيُسْتَفَاد مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة كَانَ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحَابَة أَكْثَر حَدِيثًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ إِلاَّ عَبْد اللَّه، مَعَ أَنَّ الْمَوْجُودَ الْمَرْوِيَّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَقَلّ مِنْ الْمَوْجُودِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَة، فَإِنْ قُلْنَا الاِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع فَلاَ إِشْكَال، إِذْ التَّقْدِير: لَكِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ عَبْد اللَّه وَهُوَ الْكِتَابَة لَمْ يَكُنْ مِنِّي، سَوَاء لَزِمَ مِنْهُ كَوْنَهُ أَكْثَر حَدِيثًا لِمَا تَقْتَضِيه الْعَادَة أَمْ لاَ. وَإِنْ قُلْنَا الاِسْتِثْنَاء مُتَّصِلٌ فَالسَّبَب فِيهِ مِنْ جِهَات:

أَحَدهَا: أَنَّ عَبْد اللَّه كَانَ مُشْتَغِلاً بِالْعِبَادَةِ أَكْثَرَ مِنْ اِشْتِغَاله بِالتَّعْلِيمِ فَقَلَّتْ الرِّوَايَة عَنْهُ.

ثَانِيهَا: أَنَّهُ كَانَ أَكْثَر مُقَامُهُ بَعْد فُتُوح الأَمْصَار بِمِصْرَ أَوْ بِالطَّائِفِ وَلَمْ تَكُنْ الرِّحْلَة إِلَيْهِمَا مِمَّنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ كَالرِّحْلَةِ إِلَى الْمَدِينَة، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة مُتَصَدِّيًا فِيهَا لِلْفَتْوَى وَالتَّحْدِيث إِلَى أَنْ مَاتَ، وَيَظْهَر هَذَا مِنْ كَثْرَة مَنْ حَمَلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، فَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ ثَمَانمِائَةِ نَفْس مِنْ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَقَع هَذَا لِغَيْرِهِ.

ثَالِثهَا: مَا اُخْتُصَّ بِهِ أَبُو هُرَيْرَة مِنْ دَعْوَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِأَنْ لاَ يَنْسَى مَا يُحَدِّثهُ بِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا.

رَابِعُهَا: أَنَّ عَبْد اللَّه كَانَ قَدْ ظَفِرَ فِي الشَّام بِحِمْلِ جَمَل مِنْ كُتُب أَهْل الْكِتَاب فَكَانَ يَنْظُر فِيهَا وَيُحَدِّث مِنْهَا فَتَجَنَّبَ الأَخْذَ عَنْهُ لِذَلِكَ كَثِير مِنْ أَئِمَّة التَّابِعِينَ». اهـ (١).

أضيف إلى هذا أنَّ عبد الله بن عمرو كان ينتقل بين مصر والشام والطائف، وكثيراً ما كان يتردَّدُ على الطائف ليشرف على الوهط (الكرم) الذي كان لأبيه، وقد ساومه معاوية بن أبي سفيان من أجله على مال كثير فأبى أنْ يبيعه بشيء (٢). وقد عزا التنافر الذي كان بينهما إلى هذه الحادثة (٣).


(١) " فتح الباري ": ص ٢١٧، جـ ١.
(٢) " الأموال ": ص ٣٠١ وكان هذا الكرم عظيماً على ألف ألف خشبة.
(٣) قد تكون هذه الحادثة أحد الأسباب للتنافر بينهما، ومشهور عن عبد الله بن عمرو =

<<  <   >  >>