للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالآية؟ ثم إنَّ القرآن الكريم كله لا يحمل بين دفتيه آية كاملة بهذا اللفظ، والآية [٦٠] من سورة الإسراء، لا السادسة كما ذكر، تختلف في ختامها، فليس فيها {طُغْيَانًا وَكُفْرًا} بل {طُغْيَانًا كَبِيرًا}، فحسنا الظن به وقلنا من المحتمل أنْ يكون هذا خطأ مطبعياً، إلاَّ أنه لم يشر إلى شيء في جدول الخطأ والصواب من كتابه، فلم يعد ينفع معه حسن الظن به، فتأكد لنا أنه يثبت هذا متيقناً من صحته؛ فهو يُحَرِّفُ الكلم عن مواضعه، ويبدِّلُ كلام الله تعالى كما يشاء، وأغرب من هذا أنه يستشهد بالآية الكريمة على أنها نزلت من أجل ذلك (المنام)، وأنَّ الشجرة الملعونة في القرآن هي الأسرة الأموية أخبره الله تعالى بتغلبهم على مقامه وقتلهم ذريَّته وعتيهم في أمَّته .. !! لا نعلم مصدراً موثوقاً يروي هذا!! فمن الأميرن الذي نقل لعبد الحُسين ذلك المنام؟ ومن الذي أخبره عن الشجرة الملعونة؟؟ وكل ما يذكره المؤلف عن مصادره في هذا قوله: «والصحاح فيه متوافرة ولا سيما من طريق العترة الطاهرة»!!

شهد الله أني أُحِبُّ عَلِيًّا وأهله وعترته حُبًّا لا ينازعني فيه كثير مِمَّنْ يزعمون حُبَّهُ من شيعته في هذا العصر، لا أقول هذا مُتعصِّباً لنسبنا المتصل به، ولا تحزُّباً إليه، بل لأنه من أفضل الصحابة والخلفاء الراشدين ولحُبِّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إيَّاهُ، وليده الكريمة الطيبة في الدفاع عن الإسلام ..

فأي شيء عند عترته الطاهرة!؟ وقد قال - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ، صَحِيفَةٌ فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَأَشْيَاءٌ مِنْ الْجِرَاحَاتِ فَقَدْ كَذَبَ ... » (١).

بعد هذا لا يمكننا أنْ نقبل هذا التأويل للآية الكريمة، ولا يمكننا أنْ نثق بذلك الإخبار عن الشجرة الملعونة التي ذكرها المؤلف. وكل ما جاء في هذا الموضوع في أشهر التفاسير: أنَّ هذه الآية الكريمة تتناول جانباً مِمَّا جاء في ليلة المعراج المبارك، والرؤيا المقصودة هنا «ما عاينه - عَلَيْهِ الصَلاَةُ


(١) " مسند الإمام أحمد ": ص ٤٤، جـ ٢، رقم ٦١٥ بإسناد صحيح ونحوه كثير في " المسند " بهذا المعنى.

<<  <   >  >>