للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالسَّلاَمُ - ليلة المعراج من عجائب الأرض والسماء حسبما ذكر في فاتحة السورة الكريمة» (١). «{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: ٦٠] عطف على الرؤيا ... » (٢).

ولم يذكر أحد قط أنَّ هذه الشجرة هي الأسرة الأموية - اللهم إلاَّ ما ذكره عبد الحسين - والشجرة تلك التي «تنبُت في أصل الجحيم في أبعدِ مكان من الرحمة، أي وما جعلناها إلاَّ فتنةً لهم حيث أنكروا - (المشركون) - ذلك وقالوا إنَّ محمداً يزعُم أنَّ الجحيمَ يحرُق الحجارةَ ثم يقول ينبُت فيها الشجرُ ولقد ضلوا في ذلك ضلالاً بعيداً ... » (٣).

فماذا نقول في مؤلف ينتحل على الله - عَزَّ وَجَلَّ - ما لم يسمع به إنسان، ويفسِّرُ الآيات بهواه، ويزعم أنَّ هذا يتهم راوية الإسلام أبا هريرة!! أنَّ جميع ما وجَّهَهُ من الطعون إلى أبي هريرة، لو وجهت إليه أضعاف مضاعفة، ما وفَّت رَدًّا على دعواه في تلك الصفحة من كتابه.

ويتابع المؤلف سرده بعض الأحاديث التي رواها أبو هريرة، ويحاول الطعن فيها والتشنيع على راويها، وينتهي به تحقيقه واستنتاجه، إلى أنَّ مسند أبي هريرة في حكم المرسل لا يصلح حُجَّة ولا يقوم دليلاً، [ص ٢٥٠] ضارباً عمل الأمَّة بحديث أبي هريرة من لدن الصحابة إلى عهدنا عرض الحائط، مُخَطِّئاً العلماء والفقهاء، بل مُخَطِّئاً الصحابة أنفسهم الذين حملوا عنه حديثه وعملوا به. فكان مُخْطِئاً في بحثه، ضالاً في نتائجه غير دقيق في استنباطه واستنتاجه. وقد أداه إلى ذلك هواه وتعصُّبه واعتماده على الروايات الضعيفة (٤)، والكتب غير الموثوقة، ونظرته الضيِّقة التي جعلته يرى في أبي هريرة الرجل المُتَّهم دائماً بل الرجل المتلبِّسَ بالجُرم الثابت. لذلك كانت نتائجه أحياناً تسبق بحثه واستنتاجه وحكمه، وكثيراً ما كان يتأوَّلُ بعض النصوص ويُحَمِّلُهَا ما لا تحتمل حتى انتهى إلى أنَّ رسول الله قد أخبر عنه بأنه


(١ و ٢ و ٣) " تفسير أبي السعود ": ٣/ ٢٢٣.
(٤) لذلك لم أتعرَّض إلى بعض ما ذكره المؤلف لأنه استقاهُ من كتب غير موثوقة، أو من كتب موثوقة نَصَّتْ على ضعفه، من ذلك ما رواه عن مزود أبي هريرة الذي قال في روايته الترمذي: حسن غريب. وغيره. انظر " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٥٢، جـ ٢.

<<  <   >  >>