للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)[الفاتحة: ٢ - ٤] ثم قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥].

وبالعكس إذا اقتضاه الحال أيضًا، كقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢].

وتأمَّل في هذا المساق معنى قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)[عبس: ١، ٢]؛ حيث عُوتب النبيُّ بهذا المقدار من هذا العتاب، لكن على حال تقتضي الغَيبةَ التي شأنُها أخفُّ بالنسبة إلى المعاتَب، ثم رجَع الكلام إلى الخطاب، إلا أنه بعتاب أخفَّ من الأول؛ ولذلك خُتِمت الآية بقوله: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ [عبس: ١١].

والخامس: الأدب في ترك التنصيص على نسبة الشر إلى الله تعالى، وإن كان هو الخالق لكلِّ شيء، كما قال بعد قوله: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ إلى قوله ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ [آل عمران: ٢٦]، ولم يقل: (بيدك الخير والشر)، وإن كان قد ذكر القسمين معًا؛ لأن نزعَ الملك والإذلال بالنسبة إلى مَن لحِق ذلك به شرٌّ ظاهر، نعم؛ قال في أثره: ﴿إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦] تنبيهًا في الجملة على أن الجميع خَلقُه، حتى جاء في الحديث عن النبي : "والخَيْر في يدَيكَ والشَّرُّ ليس إِلَيكَ" (١).

قال إبراهيم : ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)[الشعراء: ٧٨ - ٨٠] إلخ، فنسب إلى ربِّ العالمين


(١) أخرجه مسلم (٧٧١).

<<  <   >  >>