للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخَلق، والهداية، والإطعام، والسقى، والشفاء، والإماتة، والإحياء، وغفران الخطيئة، دون ما جاء في أثناء ذلك من المرض، فإنه سكت عن نسبته إليه.

والسادس: الأدب في المناظرة أن لا يفاجئ بالردِّ كفاحًا دون التغاضي (١) بالمجاملة والمسامحة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤]، وقوله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: ٨١]، ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ [هود: ٣٥]، وقوله: ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر: ٤٣]، ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة: ١٠٤].

لأن ذلك أدعَى إلى القبول وتركِ العِناد وإطفاءِ نار العصبية.

والسابع: الأدب في إجراء الأمور على العادات في التسبُّبات وتلقِّي الأسباب منها وإن كان العِلم قد أتى من وراء ما يكون أخذًا من مساقات الترجيات العادية، كقوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]، ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [المائدة: ٥٢]، ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦].

ومن هذا الباب جاء نحوُ قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢٠]، ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٢].

وما أشبه ذلك، فإن الترجِّي والإشفاق ونحوهما إنما تقع حقيقةً ممن لا يعلَم عواقب الأمور، واللهُ تعالى عليمٌ بما كان وما يكون وما لم يكُن أن لو كان كيف كان يكون، ولكن جاءت هذه الأمور على المجرى المعتاد في أمثالنا،


(١) في النشرة المعتمدة: "التقاضي"، والمثبت من نشرة (أيت)، ٣/ ٢٤٤، وهو الصواب.

<<  <   >  >>