للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال السائل: يا سيدي! وما وجهُ الارتباط بين عملِ "إنَّ" وقول الكفار في النبيين؟

فقال له المُجِيب: يا هذا! إنما جئتك بنُوَّارة (١) يحسُن رونقُها، فأنت تُريد أن تحكَّها بين يديك، ثم تطلُب منها ذلك الرَّونَق! أو كلامًا هذا معناه.

فهذا الجواب فيه ما ترى، وبعرضه على العقل يتبيَّن ما بينه وبين ما هو من صُلب العِلم" (٢).

ومنها أيضًا ما "أورد علينا الأستاذ الكبير أبو عبد الله بن الفَخَّار (٣) سؤالًا، وهو كيف يُجمع بين مسألة رَجُل أفرَد الصلاة بثوبٍ حريرٍ اختيارًا وبين قوله (٤): [الوافر]

جرَى الدَّمَيَانِ بالخَبَرِ اليَقِينِ

فلم ينقدِح لنا شيء.

فقال: الجوابُ: أن الأول ممنوع عند الفقهاء شرعًا، وردُّ اللام في "دَم" في التثنية ممنوع عند النحاة قياسًا، وكلاهما في حُكم المعدوم حِسًّا، وإذا كان كذلك كان الأول بمنزلة مَن صلَّى بادي العَورة اختيارًا؛ فتلزمه الإعادة، وكان الثاني


(١) نُوَّار الشَّجر: زَهْرُه، الواحدة: نُوَّارة. راجع: الصحاح ٢/ ٨٣٩.
(٢) الموافقات ١/ ١٠٧ - ١٢٠.
(٣) هو أحد أئمة الصناعة النحوية في الأندلس، تخرَّج به الشاطبي، وسلك طريقته في النحو من البسط والتعليل والتنظير والفصل بين المدرستين. راجع المقاصد الشافية ٩/ ٤٨٧، توفي سنة ٧٥٤ هـ. راجع ترجمته في: نفح الطيب ٥/ ٣٥٥ - ٣٥٩.
(٤) عجز بيت، صدره: فَلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنَا. والبيت من شواهد النحويين، وهو مختلَف في نسبته كثيرًا. راجع المقتضب ١/ ٢٣١، ٣/ ١٥٣؛ الأصول ٣/ ٣٢٤؛ المقاصد النحوية ١/ ٢٣١؛ خزانة الأدب ٧/ ٤٨٨، ٤٨٩.

<<  <   >  >>