في الدار وهو معهم فيها، فضرَبهم ولم يضرِب نفسَه؛ لبَرَّ ولم يلزمه شيءٌ، ولو قال: اتَّهَم الأميرُ كلَّ مَن في المدينة فضرَبهم؛ فلا يدخُل الأميرُ في التُّهَمَة والضَّرْب".
قال: "فكذلك لا يدخُل شيء من صفات الباري تعالى تحت الإخبار في نحو قوله تعالى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٠٢]؛ لأن العرب لا تقصد ذلك، ولا تنويه، ومثله: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢] وإن كان عالمًا بنفسه وصفاته، ولكن الإخبار إنما وقع عن جميع المحدَثات، وعِلمُه بنفسه وصفاته شيءٌ آخَر". قال: "فكلُّ ما وقع الإخبار به من نحو هذا، فلا تعرُّض فيه لدخوله تحت المخبر عنه؛ فلا تدخُل صفاته تعالى تحت الخطاب، وهذا معلومٌ من وضع اللسان".
فالحاصل أن العموم إنما يُعتبَر بالاستعمال، ووجوهُ الاستعمال كثيرة، ولكن ضابِطُها مقتضيات الأحوال التي هي مِلاك البيان؛ فإن قوله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥] لم يقصد به أنها تدمِّر السماوات والأرض والجبال، ولا المياه ولا غيرها مما هو في معناها، وإنما المقصودُ تدمِّر كلَّ شيء مرَّت عليه مما شأنُها أن تؤثِّر فيه على الجملة، ولذلك قال: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا
= في المملكة العربية السعودية، لكن الذي يظهر لي هو أن هذا الكلام لابن خروف موجود في كتابه "الرد على البرهان" الذي ردَّ فيه على إمام الحرمين في المباحث العربية التي تعرَّض لها في "البرهان"، ورأى ابن خروف أنه خالف فيها أهل العربية، وهذا الكلام الذي تكلَّم فيه ابن خروف هنا قد تكلَّم فيه إمام الحرمين في البرهان ١/ ٣٦٢ - ٣٦٥، مخالِفًا في تقريره ما قرَّره ابن خروف هنا، والذي قد يؤيِّد هذا الذي ذكرتُ أن كتاب "الرد على البرهان" قد كان في حوزة الشاطبي، وينقل عنه؛ فقد قال في: المقاصد الشافية ١/ ٣٨٤: "نصَّ ابن خروف في كتابه في الردِّ على أبي المعالي … "، والله أعلم.