للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما يغترُّ القائل بكلام القَرَافي أو من نقل عنه، وهو غلط، بسطتُه في غير هذا الموضع (١).

ثم استدلاله بما استشهد به أغربُ … من جهة استنباطه ذلك من "أفعل" التفضيل؛ لأنها عنده تقتضي الاشتراك فيما فيه المفاضلة لزومًا، فيجيء على قوله أن أصحاب الجنة وأصحاب النار مشتركون في خيرية المستقَر وحُسن المَقِيل من قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤] إلى غير ذلك مما جاء فيه "أفعل" التفضيل وليس اشتراك البتةَ، وهو كثيرٌ، بل "أفعل" التفضيل أعمُّ مما ذكر" (٢).

ومما يدخُل تحت هذا ما يتوهَّمه كثير من الناس في بعض الآي، وهم في توهُّمهم هذا مخالفون لفهم أئمة العربية لهذه الآي؛ فمثلًا قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] ليس "على ما يفهمه كثيرٌ من الناس، بل على ما قرَّره الأئمة في صناعة النحو، أي: إن الله يُعلِّمكم على كلِّ حال فاتقوه؛ فكأن الثاني سببٌ في الأول؛ فترتَّب الأمرُ بالتقوى على حصول التعليم ترتُّبًا معنويًّا، وهو يقتضي تقدُّم العلم على العمل" (٣).

ولهذا كلِّه ذُمَّ مَن عرِي من هذا العِلم أو أخطأ فيه، ومن ذلك ما "قال لنا الشيخ القاضي الكبير الشهير أبو القاسم الحسني (٤) يوما وقد جرى ذكر "حتى"


= له، وهو مخالَف من بعض الأئمة ممن سبقوه - كسلطان العلماء والقرافي - وكذلك ممن عاصروه وجاءوا بعدَه، وهي مسألة لا يحل النظر فيها لمبتدئ ولا شادٍ في العلم.
(١) راجع: الاعتصام ١/ ٣٢١ وما بعدها.
(٢) فتاوي الإمام الشاطبي، ص ٢٥٩ - ٢٦١.
(٣) الموافقات ٥/ ٢٨٣، ٢٨٤.
(٤) هو أبو القاسم محمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي، النحوي البياني العروضي، رئيس =

<<  <   >  >>