للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا قولُه، وهو الحقُّ الذي لا محيص عنه، وغالبُ ما صُنِّف في أصول الفقه من الفنون إنما هو من المطالب العربية التي تكفَّل المجتهد فيها بالجواب عنها، وما سواها من المقدِّمات، فقد يكفي فيه التقليد، كالكلام في الأحكام تصوُّرًا وتصديقًا؛ كأحكام النَّسخ، وأحكام التحديث (١)، وما أشبه ذلك.

فالحاصلُ أنه لا غنى للمجتهد في الشريعة عن بلوغ درجة الاجتهاد في كلام العرب، بحيث يصير فهمُ خطابها له وصفًا غير متكلَّف ولا متوقَّف فيه في الغالب إلا بمقدار توقُّف الفَطِن لكلام اللبيب" (٢).

"فعلى الناظر في الشريعة والمتكلِّم فيها أصولًا وفروعًا أمران:

أحدهما: أن لا يتكلَّم في شيء من ذلك حتى يكون عربيًّا، أو كالعربي في كونه عارفًا بلسان العرب بالغًا فيه مبالغ العرب، أو مبالغ الأئمة المتقدِّمين كالخليل وسيبويه والكسائي والفَرَّاء ومن أشبَهَهم وداناهم، وليس المراد أن يكون حافظًا كحفظهم وجامعًا كجمعهم، وإنما المراد أن يصير فهمُه عربيًّا في الجملة، وبذلك امتاز المتقدِّمون من علماء العربية على المتأخِّرين؛ إذ بهذا المعنى أخذوا أنفسهم حتى صاروا أئمة.

فإن لم يبلُغ ذلك فحسْبُه في فهم معاني القرآن التقليد، ولا يُحسن ظنَّه بفهمه دون أن يسأل فيه أهل العِلم به ....

والأمر الثاني … أنه إذا أشكل عليه في الكتاب أو في السُّنة لفظٌ أو معنًى فلا يُقدِم على القول فيه دون أن يستظهِر بغيره ممن له عِلمٌ بالعربية؛ فقد يكون إمامًا


(١) في النشرة المعتمدة: "الحديث، والمثبت من نشرة (أيت)، ٥/ ٥٦.
(٢) الموافقات ٥/ ٥٢ - ٥٧.

<<  <   >  >>