الآلات، أو الدالةُ على أن المجرور بها آلة، أو نحو ذلك، فالخلافُ إِذًا في لفظ ليس تحته معنى يُخالَف فيه.
فإن قيل: كيف يصح أن يُنسَب إلى الله تعالى الفعل بآلة.
قيل: يصِحُّ على الوجه الذي يُنسَب إليه الفعل بسبب.
فإن قيل: إن الآلة تقتضي الاحتياج إليها.
قيل: فيلزَم أن يكون السبب مقتضيًا للاحتياج إليه.
فإن قلت في السبب: إن الله مسبِّبُه. فكذلك الآله اللهُ مصيِّرُها آلةً، فهو خالق الآلة وما صُنِع بها، وخالق السبب والمسبَّب عنه.
فإن قلت: الآلة تقتضي أن لها فعلًا لا يكون دونها.
قيل: فكذلك السبب؛ لأنه من حيث وُضِع سببًا، إنما وُجِد المسبَّب بوساطته حتى إذا لم يوجَد السبب لم يوجَد المسبَّب، فقد صار المحذور المتوهَّم في الآلة لازمًا في السبب؛ فإن لزم في القول بباء الآلة أمرٌ لزِم مثله في القول بباء السبب، فلزِم ابن مالك ما فرَّ منه.
فإن قيل: فالمراد إذًا من باء السبب وباء الاستعانة معنًى واحد، وإذا كان كذلك فما أطلَقه المؤلِّف على الباءين من المعنى الواحد لا محذور فيه؛ إذ لم يلزَم فيهما محذور في كلام الله تعالى.
قيل: إطلاقه على باء الاستعانة أنها باء السبب خطأ، بل معقول السببية غير معقول الاستعانة، فجعلُ إحداهما هي الأخرى مخالِف للوضع والمعقول؛ فإن السبب علةٌ معقولةٌ وجِد الفعل لأجلها، وليس كذلك الآلة؛ ولذلك تقول: