للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعموم مع الاعتراف بأن ظاهره غيرُ مقصود؟ وهكذا العامُّ الوارد على سبب من غير فرق.

ومن قال بفسخ البيع وقت النداء بناءً على قوله تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩]، فهو عنده مقصودٌ لا ملغًى، وإلا لزِم التناقض في الأمر كما ذكر.

وكذلك شأن القياس الجلي، لم يجعلوا دخول الأمَة في حُكم العبد بالقياس إلا بِناءً على أن العبد هو المقصود بالذِّكر بخصوصه، وهكذا سائر ما يُفرَض في هذا الباب.

فالحاصل أن الاستدلال بالجهة الثانية على الأحكام لا يثبُت، فلا يصحُّ إعماله البتةَ، وكما أمكن الجوابُ عن الدليل الثالث، كذلك يمكن في الأول والثاني؛ فإن في الأول مصادَرةً على المطلوب؛ لأنه قال فيه: "فإذا كان المعنى المدلول عليه يقتضي حُكمًا شرعيًّا، فلا يمكن إهماله"، وهذا عين مسألة النزاع.

والثاني مُسلَّم، ولكن يبقى النظر في استقلال الجهة الثانية بالدلالة على حُكم شرعي، وهو المتنازع فيه، فالصوابُ إذًا القولُ بالمنع مُطلَقًا، والله أعلم.

… قد تبيَّن تعارض الأدلة في المسألة، وظهر أن الأقوى من الجهتين جهة المانِعين، فاقتضى الحال أن الجهة الثانية - وهي الدالة على المعنى التبعي - لا دلالة لها على حُكم شرعي زائد البتةَ.

لكن يبقى فيها نظر آخَر ربما أخال أن لها دلالة على معانٍ زائدة على المعنى الأصلي، هي آدابٌ شرعية وتخلُّقات حسنة، يُقِرُّ بها كلُّ ذي عقل سليم، فيكون لها اعتبارٌ في الشريعة، فلا تكون الجهة الثانية خالية عن الدلالة جملة، وعند ذلك يُشكِل القول بالمنع مُطلقًا.

<<  <   >  >>