للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهؤلاء الأئمةُ الأربعةُ كلٌّ له من الفضل في العلم والدِّينِ ما قدَّر اللهُ له، وقد بيَّنوا أنَّ أقوالَهم يجب أن تُعرض على كتاب اللهِ وسنَّةِ رسولِه ، فيُطَّرح منها ما خالف نصًّا من كتاب أو سنَّة، وقال بعضُهم القَولةَ المشهورةَ: كلُّ أحدٍ يُؤخَذُ من قوله ويُترك إلَّا صاحب هذا القبر (١)؛ هذا مذهبُ جميعهم، فالذين يتعصَّبون لهم مخالفون لهم.

الصنفُ الثاني: يُقابلهم وهم الذين يرفضونهم، ولا يعرفون لهم مقدارهم، ولا ينظرون في أقوالهم، ولا يستفيدون من فهومهم واستنباطهم وبيانِهم، ويقولون: نحن رجالٌ وهم رجالٌ.

وهذا حقٌّ، لكن سبحان الذي فاضلَ بين الرجال، ورفعَ بعضَهم فوقَ بعضٍ درجات.

وهذان فريقان على طرفي نقيضٍ؛ أولئك غلوا وتعصَّبوا، وهؤلاء فرَّطوا وقصَّروا، وحرموا أنفسهم الانتفاعَ بعلومِ أولئك العلماء وفهومهم وما فتح اللهُ به عليهم.

والصنفُ الثالثُ: هم الذين عرفوا لهؤلاء العلماء قدرَهم وفضلَهم في العلم والدِّين، فاعترفوا بعلمهم وإمامتِهم وهدايتهم، واقتدوا بهم وتعلَّموا منهم، واستفادوا من فُهومهم، ولم يتعصَّبوا لهم، فأقوالُ هؤلاءِ الأئمةِ عندهم معروضةٌ على كتاب اللهِ وسنَّةِ رسولِه ، فما وافقَها


(١) جاء بنحوه عن ابن عباس عند الطبراني (١١٩٤١)، والحكم بن عتيبة ومجاهد كما في جامع بيان العلم (٢/ ٩٢٥)، ونسبةُ هذا إلى مالك هو المشهور عند المتأخرين، وصححه عنه ابن عبد الهادي في «إرشاد السالك» كما نقله الألباني. ينظر: خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأوَّل (ص ١٣٦)، وصفة صلاة النبي للألباني (ص ٤٩).

<<  <   >  >>