للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣. وقُلْ غيرَ مخلوقٍ كلامُ مَلِيكِنَا … بذلك دانَ الأتقِيَاءُ وأَفْصَحُوا

٤. ولا تَكُ في القرآنِ بالوقْفِ قائلًا … كما قالَ أتباعٌ لجهمٍ وأسْجَحُوا

هذان البيتان تضمَّنا الوصيةَ بعقيدةِ أهل السنة في كلامِ اللهِ وفي القرآنِ، والتحذيرَ من بعض مناهجِ المبتدعةِ.

وبدأ بنفي خَلقِ القرآنِ؛ لأنَّه أشهرُ ما وقع فيه الخوضُ والجدلُ بين أهل السنَّةِ ومُخالفيهم، ولاسيَّما في زمانه.

ففتنةُ القولِ بخلق القرآنِ كانت فتنةً عظيمةً، والقولُ بخلق القرآنِ قديمٌ، وأَوَّلُ مَنْ ابتدعه الجعدُ بنُ دِرهم، وأَخذَهُ عنه الجهمُ بن صفوان، الذي حملَ لواءَ هذه البدعةِ ونشرها؛ فاشتُهرَ بها واشتُهرتْ به، ولم تزل تتفاقمُ هذه البدعةُ وتشتهرُ، ويضلُّ بها المفتونون، ويتصدَّى الأئمةُ لقمعها ومحاربتِها والتحذيرِ منها ومن أهلها؛ حتى جاء عهدُ الخليفةِ العباسي المأمون، فأحاطت به المعتزلةُ واعتنق مذهبَهم في القرآن، فحمل الناسَ عليه وامتحنَهم به، فعظُمت المحنةُ، وابتُلي العلماءُ، وتأوَّلَ مَنْ تأوَّل، وافتُتِنَ مَنْ افتُتن، وثَبَّتَ اللهُ مَنْ ثبَّت، وأعظمُ مَنْ ثَبَتَ في المحنة: الإمامُ أحمدُ بن حنبل ، فلم يُداهن في دين اللهِ، ولم يتأوَّل، بل ثبتَ على القول بأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ غير مخلوقٍ، وردَّ على المبتدعة وناظرهم وبيَّنَ أنَّ القولَ بخلقِ القرآنِ بدعةٌ منكَرةٌ، لم تأتِ في كتاب اللهِ تعالى، ولا سنَّةِ رسولِه ، ولا قائلَ بها من سلف الأمَّةِ، بل

<<  <   >  >>