للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: (والسُّنن)؛ والمعنى: دِنْ أيضًا بسنَّة الرسول ، أي لا بدَّ من: الإيمانِ بالكتابِ والسنَّةِ، والعلمِ بهما، والعملِ، فلا يجوز الاقتصارُ على القرآن، بل لا يُمكِن؛ لأنَّهما مصدران لدينِ الله، وللعلمِ النَّافع، وكلاهما -الكتابُ والسنَّةُ- وحيٌ مُنَزَّلٌ من عند الله بنصِّ كتاب الله، قال اللهُ تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣]. وقال سبحانه: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: ٣٤]، وقال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [البقرة: ١٢٩]. والحكمةُ هي السنَّةُ (١)، وهي قرينةُ القرآنِ في القرآن، كما أنَّ الزكاةَ قرينةُ الصلاةِ في القرآن والسنَّة.

والنَّصُّ على السنَّةِ وبيانُ أنَّها حقٌّ، وأنَّه يجب الإيمانُ بها واتِّباعُها؛ مُستفيضٌ في القرآن، فمَن أَنكرَ السنَّةَ فهو كافرٌ، ومَن أَنكرَ العملَ بها وقال: لا نؤمنُ ولا نعملُ إلَّا بالقرآن؛ فهو كافرٌ، ولا يمكن العملُ بالقرآن إلَّا مع الأخذِ بالسنَّةِ، فالسنَّةُ مُفسِّرةٌ للقرآن، مُبيِّنةٌ له، كما قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]

فاللهُ فرضَ الصلاةَ في آياتٍ وبيِّن بعضَ أحكامها القليلة، وإنما عُلمت أحكامها تفصيلًا من السنَّة، فالرسولُ بيَّنَ كيفيةَ الصلاة وقال: «صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» (٢)، وقلْ مثلَ ذلك في الحج، وكذلك في سائر الشعائرِ والأحكامِ التي جاءت في القرآن مُجملةً، وجاءت السنَّةُ ببيانِها وتفصيلِها.


(١) ينظر: الرسالة للشافعي (ص ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣١) عن مالك بن الحُوَيْرث .

<<  <   >  >>