الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
لا يخفى على مَنْ له فقهٌ في الدين ضرورة المسلمين في كل زمان ومكان -ولا سيما في هذا العصر- إلى العناية بالعلوم الشرعية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ﵊؛ لأنه طغى في هذا العصر ما يسمى بعلم المادة؛ أي: العلوم الدنيوية، فقد غلب على كثير من الناس الاهتمام بها، وتعظيمُها والتنافس فيها، وتقديمُها على العلوم الشرعية تعلمًا وتعليمًا، في كل طبقات الأمة، في جميع مراحل التعليم، ومنشأ ذلك ضعفُ الإيمان بمنزلة علوم الإسلام، وإيثار الدنيا على الآخرة، وسيطر ذلك على عقولهم وتفكيرهم.
وإذا وجد الإنسان من نفسه محبةً للعلوم الشرعية، ورغبة في تحصيلها من مصادرها، والتلقي عن العلماء الربانيين، والاقتداء بهم ومعرفة سيرهم، مَنْ وجد ذلك في نفسه فليحمد الله، ومَن نظر في تاريخ المسلمين وجد أنهم إذا ذكروا العلم والعلماء، لم يريدوا به وبهم إلا ميراث النبوة وعلماء الشريعة.