للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا موقفهم من الأحاديث فما كان منها آحاد يردها لأنها آحاد لا يحتج بها في الاعتقاد، وإذا كان متواترةٌ قال إنها أدلة لفظية لا تفيد اليقين.

ثم إن لهم فيها أحد طريقين التفويض والتَّأويلُ؛ كما تقدم، ولهم في حديث النزول تأويلات، منها أن الذي ينزل ملَك أو رحمته تعالى، وكلاهما باطل؛ فرحمة الله تنزل كل وقت، ولا يجوز أن يقول الملَك: مَنْ يدعوني فأستجيبَ له؟ مَنْ يسألني فأعطيه؟ مَنْ يستغفرني فأغفر له؟!، وإنما الذي يقول ذلك رب العالمين (١).

والواجبُ: الإيمانُ بأنَّه تعالى ينزلُ نفسه كلَّ ليلةٍ في الثلث الأخيرِ من الليل كما أخبر الصادقُ المصدوقُ، ونقول: «آمنَّا بالله وبما جاء عن الله على مرادِ اللهِ، وبما جاء عن رسول اللهِ على مراد رسولِ اللهِ» (٢).

وقد تلقَّى الصحابةُ والتابعون لهم بإحسانِ ذلك بالقبول، ولم يُعارضوه بخيالاتٍ وأوهامٍ وتقديراتٍ واعتراضات، لكن لَمَّا ظهرت بدعةُ التعطيلِ والتجهُّمِ، جاءت المشكلات، وجاءت الشبهات.

وطريقُ النَّجاةِ والسَّلامةِ: هو الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، واطراح ما خالفهما، وكلُّ السؤالات والإشكالات التي تورَد على حديث النزول، منشؤها قياسُ الخالقِ على المخلوق، وهو أبطل قياس،


(١) ينظر إبطال تحريف صفة النزول في: شرح حديث النزول (ص ١٣٨ - ١٤٩)، (ص ٢٣٣ - ٢٣٦)، ومختصر الصواعق (٣/ ١١٠٠) وما بعدها.
(٢) تروى بنحوها عن الشافعي. ينظر: لمعة الاعتقاد بشرح شيخنا (ص ٢٣)، ومنازل الأئمة الأربعة لأبي زكريا السلماسي (ص ١٤٦).

<<  <   >  >>