للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعمرُ لَمَّا تبيَّنت له فوائدُ الصلحِ تبيَّنَ له خطأُ رأيه، وقال هذه المقولة، يأمر فيها كلَّ مَنْ أراد مخالفةَ كلامِ اللهِ وكلامِ رسولِه برأيه عند عدم فهمِه، أو لغير ذلك، أن يتَّهم رأيَه.

فقولُ اللهِ -تعالى- وقولُ رسولِه يجب أن يُقدَّمَ على قول كلِّ أحدٍ كائنًا مَنْ كان، وقد تقدَّم (١) مضمونُ ومعنى هذا الكلام عند ذكر الأئمةِ، وأنَّهم أوصوا بهذا، وأمروا أتباعَهم أن يطرحوا أقوالَهم متى عارضت قولَ الرسولِ ، ويُصوِّرُ ابنُ القيم خطرَ التقليدِ الأعمى، والتعصبِ لآراء المتبوعين والمعظَّمين في نظم «النونية» (٢) فيقول:

واللهِ ما خَوفِي الذُّنُوبَ فإنَّها … لَعَلَى طَرِيْقِ العَفْوِ والغُفْرَانِ

لكِنَّما أخشى انْسِلاخَ القَلْبِ منْ … تحكِيمِ هذا الوَحْيِ والقُرآنِ

ورِضًا بآراءِ الرِّجَالِ وخَرْصِها … لا كَانَ ذَاكَ بِمِنَّةِ الرحمنِ

فالمقلدُ المتعصِّبُ تجدُه يحكِّم قولَ متبوعِه على النصوص، ويُعارِضُ النصوصَ بأقوال متبوعِه، وهذا يكون في أصحاب المذاهبِ الفقهيةِ، وكذلك في أصحاب النِّحَلِ البدعيَّةِ.

فالنَّاظمُ قد أحسن في هذه الوصية حيث أمر بأن لا يُعدَل عن قول رسولِ اللهِ وسنَّتِه لقول فلان أو فلان، فقولُ رسولِ اللهِ


(١) تنظر: (ص ١١٢).
(٢) (٣/ ١٠٣٩ - ١٠٤٠).

<<  <   >  >>