للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ردوها، وأما الأشاعرة فقالوا إنه تعالى يُرى لا في جهة، وهذه رؤية غير معقولة فإن المرئي لا بد أن يكون في جهة من الرائي فآل أمرهم إلى نفي الرؤية الحقيقية المعقولة، وصاروا في الرؤية متذبذبين بين النفي والإثبات كحالهم في كلام الله (١).

وبعد فنقول في شرح البيت: (قل): أي: أيُّها المسلمُ السُّنيُّ المُقتفي لأثر السَّلفِ الصالح: بقلبك مُعتقدًا، وبلسانك مُقرًّا ومُعلنًا، (يتجلَّى اللهُ): أي يَظهر ظهورًا بإشراقٍ ونورٍ، فالتجلِّي ليس مرادفًا للظهور، بل هو ظهورٌ بإشراقٍ ونورٍ (٢).

والتجلِّي صفةٌ فعلية من صفات ربنا سبحانه، قال اللهُ تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقا﴾ [الأعراف: ١٤٣].

كما أنه موصوفٌ بالنُّور قال تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر: ٦٩]

وقولُ الناظمِ: (يتجلَّى اللهُ للخلق): أي يظهرُ -كما ذكر- لجميع النَّاس فيرونه رؤيةً لا خفاءَ فيها ولا التباس، كما يرون القمر، وذلك يوم القيامة، ولم يُقيِّده به الناظمُ، لكنَّه معلومٌ بدهيٌّ.

وهل يراه المؤمنون دون الكفار، أم يراه الناس كلهم؟

محلُّ خلاف، فأمَّا المؤمنون فإنهم يرونه باتفاق أهلِ السنَّةِ في عرصات القيامة، وفي الجنة في يوم المزيد.


(١) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٥)، (٤/ ٤٢٠ - ٤٨٠)، ومنهاج السنة (٢/ ٣٢٥) وما بعدها.
(٢) ينظر: لسان العرب (١٤/ ١٥١).

<<  <   >  >>