للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا غيرهم فقد اختلف فيهم أهلُ العلم على مذاهب (١):

فقيل: لا يراه الكفارُ، بل هم محجوبون عنه مطلقًا، وقيل: بل يرونه رؤيةً لا تسرُّهم، بل تزيد من حسرتهم وخِزيهم، فليس لهم فيها حظٌّ ولا نعيمٌ.

ويمكن أن يُستدلَّ لهذا القول بمثل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: ٣٠]، وبذكر لقاءِ عمومِ الخلقِ له سبحانه، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا﴾ [يونس: ٧].

وقيل: بل يراه المنافقون دون سائرِ الكافرين؛ لأنَّهم يكونون مع المؤمنين في بعض مواقف القيامةِ، فيرون اللهَ تعالى رؤيةً لا تَسرُّهم ولا تُسعدهم؛ لِمَا يعلمونه من حالهم، ويترقَّبونه من سوءِ مآلهم، وقد دلَّ على هذا ما ثبت في الصحيح، قال : «يجمع اللهُ الناسَ يوم القيامة فيقول: مَنْ كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيتبع مَنْ كان يعبدُ الشمسَ الشمسَ، ويتبع مَنْ كان يعبدُ القمرَ القمرَ، ويتبع مَنْ كان يعبدُ الطواغيتَ الطواغيتَ، وتبقى هذه الأمةُ فيها منافقوها … قال: فيأتيهم الجبارُ في صورةٍ غير صورته التي رأوه فيها أولَ مرَّةٍ، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا! فلا يُكلِّمه إلَّا الأنبياء … » الحديث (٢).


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٤٨٦) وما بعدها، وحادي الأرواح (٢/ ٦٠٩).
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <   >  >>