للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نازع في ذلك الوعيديةُ من الخوارج والمعتزلة:

فالخوارجُ مذهبهم في أهل الكبائر أنَّهم في الدنيا كفار، وإذا ماتوا مُصرِّين على الكبائر فهم مُخلدون في النَّار.

وأمَّا المعتزلةُ فعندهم أصلٌ؛ وهو المنزلةُ بين المنزلتين، فصاحبُ الكبيرةِ في منزلةٍ بين المنزلتين، لكنَّه إذا مات من غير توبةٍ فهو مُخلَّدٌ في النَّار.

فاتَّفقت الطائفتان على حكمه في الآخرة دون حُكمِ الدنيا.

وأهلُ السنَّةِ مذهبهم كما تقدَّم، قال الطَّحاويُّ : «وأهلُ الكبائرِ من أمَّة محمَّدٍ في النَّار لا يُخَلَّدُون إذا ماتوا وهم موحِّدون، وإن كانوا غير تائبين» (١)، فمَن تاب توبةً نصوحًا -وهي التوبةُ المستوفيةُ لجميع الشروطِ- تاب اللهُ عليه.

فهذه الشفاعةُ تُنكرها الخوارجُ والمعتزلةُ؛ لأنَّها تُخالفُ أصولهم.

والمقصود أنهم يُطرحون في نهر الحياةِ في الفردوس، كأنَّه جعلَ الفردوسَ اسمًا للجنة عمومًا، وكلمةُ الفردوس لم تَرِد في الأحاديث المصرِّحةِ بإخراج الموحدين من النار، والذي ثبت هو أنهم يطرحون في نهر الحياة عند أبواب الجنة (٢)، فالتقييدُ بالفردوس خطأٌ.

* * *


(١) الطحاوية بشرح ابن أبي العز (٢/ ٥٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣ - ٣٠٢) عن أبي سعيد الخدري .

<<  <   >  >>