للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعند المرجئة ومن جملتهم مرجئةُ الفقهاء أنَّ الإيمانَ لا يزيد ولا ينقص، فهم يزعمون أنَّ الإيمانَ هو التصديقُ، والتصديقُ واحدٌ لا يتجزَّأُ؛ لأنَّ التصديقَ يقابله الشكُّ، فمَن نقص تصديقُه حصل عنده الشكُّ، وانبنى على قولهم هذا تحريمُ الاستثناءِ في الإيمان؛ لأنَّ الاستثناءَ شكٌّ.

وأمَّا عند أهلِ السنَّةِ القائلين بأنَّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ؛ فعندهم أنَّه يجوز الاستثناءُ في الإيمان أو يجب، فلا تقل: أنا مؤمنٌ إلَّا أن تقول: إن شاء الله؛ تبرُّؤًا من الدَّعوى، فالاستثناءُ للبراءة من تزكية النفسِ، ومن دعوى الكمالِ (١).

والأدلةُ على أنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقصُ ظاهرةٌ في القرآن والسنَّةِ؛ فمنها قولُ اللهِ تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤]، وقولُه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)[آل عمران]، وقولُه تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)[الأنفال].

ومن السنَّةِ ما جاء في حديث الشفاعة وفيه: أنَّ اللهَ تعالى يُخرج من النَّار مَنْ قال لا إله إلَّا الله وفي قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من إيمان، ويُخرج من النَّار مَنْ قال لا إله إلَّا الله وفي قلبه أدنى أدنى أدنى خردلةٍ من إيمان (٢)، فدلَّ هذا على أنَّ في الإيمان تفاضلًا وتفاوتًا، زيادةً ونقصًا.


(١) ينظر: الشريعة للآجري (٢/ ٦٥٦)، والإيمان لابن تيمية (ص ٣٣٤) وما بعدها.
(٢) أخرجه بنحوه: البخاري (٧٥١٠)، ومسلم (١٩٣ - ٣٢٦) عن أنس بن مالك .

<<  <   >  >>