للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمرتبةُ الثالثةُ: الإيمانُ بعموم مشيئةِ اللهِ، فلا يخرج عنها شيءٌ، ولا يكون في هذا الوجود ما لا يشاء أبدًا، فما من حركةٍ ولا سكونٍ في هذا العالم، علويِّه وسفليِّه إلَّا بمشيئته -سبحانه-، والآياتُ الدالةُ على المشيئة كثيرةٌ؛ منها: قولُه تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)[التكوير]، وقولُه تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)[الإنسان]، وقولُه تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [الأنعام: ١٢٥].

وقد علَّقَ اللهُ -سبحانه- الأمورَ الكونيةَ العامَّةَ بالمشيئة؛ كما في قوله تعالى: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ [الشورى: ١٢]، وقولِه: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩)[الشورى]، وقولِه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)[البقرة].

والآياتُ في هذا كثيرةٌ، فأفعالُ العبادِ واقعةٌ بمشيئته .

والمرتبةُ الرابعةُ: الإيمانُ بعموم الخلقِ، أي: أنه خالقُ كلِّ شيءٍ؛ فهو خالقُ السموات والأرض ومَن فيهنَّ وما بينهنَّ، وهو خالقُ العبادِ وخالقُ قدرتِهم، وخالقُ صفاتِهم، وخالقُ أفعالهم الظاهرةِ والباطنةِ، فهو خالقُ كلِّ شيءٍ، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)[الزمر]، وقال تعالى: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)[الصافات]، فلا خالقَ غيرُه وهو الخلَّاقُ العليم.

فهذه مراتبُ الإيمانِ بالقدر، لا يكون الإنسانُ مؤمنًا بالقدر حتى يُحقِّقها كلَّها.

<<  <   >  >>