للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث بُريدة : «العهدُ الذي بيننا وبينهم الصَّلاة فمَن تركها فقد كفر» (١)، وذهب جمهور أهل العلم: أنَّ تارك الصلاةِ كسلاً لا يكفر، وتأوَّلُوا حديثَ جابرٍ وحديثَ بُريدة على أنَّهما من جنس الأحاديثِ الأخرى التي فيها تسميةُ بعضِ الذنوب كفرًا؛ كقوله : «سِبابُ المسلمِ فُسوقٌ وقتالُه كُفرٌ» (٢)، وقولِه : «أيُّما رجلٍ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أَحدُهما» (٣)، وقولِه : «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ» (٤).

فعند هؤلاء أنَّ مَنْ تركَ الصلاةَ كسلًا وهو يؤمنُ بوجوبها ويعلمُ أنه مُسيءٌ عاصٍ، لكنه تركَ الصلاةَ بسبب الكسلِ وضعفِ الإيمانِ، فعندهم أنه لا يَكفُرُ.

وتوسَّطَ قومٌ فقالوا: إن كان يترك الصَّلاةَ دائمًا، ولا يُصلِّي أبدًا، إلَّا مجاملةً للناس نفاقًا لا إيمانًا، فهو كافرٌ، وأمَّا مَنْ كان يُغالِبُ نفسَه، يُصلِّي ويترك، وهو مع نفسه في كفاحٍ، فلا يكفر بترك ما تركَ من الصلاة.

وهذا القولُ فيه توسُّطٌ، وهو قويٌّ عندي لأن هذا الصنف ليس بتارك للصلاة بل هو غير محافظ، واللهُ أعلمُ بالصواب، ولشيخ الإسلام كلامٌ يتضمَّنُ هذا المعنى (٥).


(١) أخرجه أحمد (٢٢٩٣٧)، والترمذي (٢٦٢١)، والنسائي (٤٦٣)، وابن ماجه (١٠٧٩) وصححه ابن حبان (١٤٥٤)، والحاكم (١١).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨)، ومسلم (٦٤) من حديث عبد الله بن مسعود .
(٣) أخرجه البخاري (٦٤٠١) -واللفظ له-، ومسلم (٦٠) عن ابن عمر .
(٤) أخرجه البخاري (١٢١)، ومسلم (٦٥) من حديث جرير بن عبد الله .
(٥) تنظر «مسائل أهل الرَّحبة» ضمن: مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٩)، وجامع المسائل (٧/ ١١٩).

<<  <   >  >>