للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباده، كما سمع موسى كلامَ اللهِ، كما قال الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)[النساء]، وسمع الأبَوَان نداءَه-سبحانه-: ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢)[الأعراف]، وسمعت الملائكةُ كلامَه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، وهكذا جبريلُ سمع القرآنَ من اللهِ وبلَّغه لمحمَّدٍ ، ويقولون: إنَّ الله لم يزل يتكلَّم، فليس لجنسِ كلامِ اللهِ بدايةٌ، أمَّا تكليمُه موسى فهو من آحاد كلامِه تعالى عندما جاء لميقات ربِّه؛ فليس بقديمٍ؛ بل هو حادثٌ، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، فكلامُ اللهِ قديمُ النوعِ حادثُ الآحادِ، آحادُه مُتجدِّدةٌ تبعًا لمشيئته (١).

ويقولون: إنَّ كلامَ اللهِ -تعالى- لا يُحصى، وكلماتُه لا تنفد: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)[الكهف]، وكذلك الآيةُ في سورة لقمان: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧)[لقمان].

وكلامُ اللهِ يكون خبرًا ويكون طلبًا وإنشاءً، وكلماتُ اللهِ منها:

كلماتٌ كونيةٌ بها يُكَوِّن الأشياء.

وكلماتٌ شرعيةٌ تتضمَّنُ الأحكامَ؛ وهي أوامرُه ونواهيه، وأخباره في كتبه المنزَّلةِ كالقرآن، قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)[الأنعام]


(١) ينظر: منهاج السنة (١/ ١٦٦)، (٢/ ٣٧٩)، ومجموع الفتاوى (١٢/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>