للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُطلَقُ على فعل الخالق إذا أُريد به المصدرُ، ومثله «الرد» بمعنى المردود، والردُّ بالمعنى المصدري، ردَّ يردُّ ردًّا، وهذا كثيرٌ.

وقس عليه من جنسه فتقول: هذا خلقُ اللهِ -تشير إلى بعض الأشياء-: أي مخلوقٌ لله مفعولٌ له، أمَّا الخلقُ بالمعنى المصدري فهو صفةٌ لله وفعلٌ من أفعاله قائم به، ومثلُه الأمر، يأتي بمعنى المأمور، ويأتي بالمعنى المصدري الذي هو الفعلُ، أمر يأمر أمرًا، وهكذا.

فصارت كلمةُ (لفظ) كلمةً مجملةً.

فإذا قال قائلٌ: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فينبغي أن يُستفصَلَ منه، فيُقال: ما تريد بقولك هذا؟ فإن قال: أُريد أنَّ تلفظي ونطقي وصوتي وحركة جوارحي -لساني وشفتي- مخلوقةٌ، كان المعنى الذي وصف صحيحًا، فالكلامُ كلامُ الباري، والصوتُ والألحانُ صوتُ القارئ (١).

وإذا قال: لفظي بالقرآن، أُريد ما أتلفَّظُ به، مخلوقٌ، قلنا: هذا باطلٌ، الكلامُ الذي تتلفَّظُ به وتؤدِّيه بصوتك كلامُ ربِّ العالمين، فاللهُ تعالى تكلَّم بالقرآن، وسمعه منه جبريلُ ، وبلَّغه لمحمدٍ ، والصحابةُ سمعوا القرآن من الرسول ، والمسلمون سمع بعضُهم القرآنَ من بعضٍ، وقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦]، أي: يسمع كلامَ الله من الرسول، أو من أحدِ الصحابةِ، أو من آحادِ المؤمنين، فالنَّاسُ لا يسمعون كلامَ اللهِ من الله، إنما يسمعونه من بعضهم، فيُؤدُّونه بأصواتهم وحركاتهم وأفعالهم (٢).


(١) ينظر: التسعينية (٣/ ٩٦٤ - ٩٦٥)، والرد على المنطقيين (ص ٥٨٥ - ٥٨٦).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٢٧٥).

<<  <   >  >>