للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأدلةُ على إثبات اليدين لله تعالى متضافرة من الكتاب والسنَّةِ والإجماعِ.

فمن القرآن: قول الله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، قال ذلك ردًّا على اليهود الذين قالوا: يدُ الله مغلولةٌ، فقال الله تعالى: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤]. واليهودُ لَمَّا قالوا: يدُ اللهِ مغلولةٌ؛ لم يكن غلطُهم في إضافة اليدِ لله، وإنَّما في وصف اللهِ سبحانه بالبخل، فهذا هو المنكَرُ من قولهم.

وعند الجهميةِ ومَن تَبعهم أنَّ نسبةَ اليدِ إلى الله من الباطل، ومن التشبيهِ الذي قال به اليهودُ.

وقال تعالى لإبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وهاتان الآيتان هما أصرحُ الآيات في الدلالة على إثبات اليدين لله لأنهما قد جاءا بلفظ التثنية، وقد جاء ذكر اليدين في مواضع أُخر إمَّا بلفظِ الإفرادِ؛ كقوله تعالى: ﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١]، أو بلفظ الجمعِ كما في قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ [يس: ٧١]، ولفظُ الإفرادِ لا يدلُّ على أنَّ اليدَ واحدةٌ، فقد يُراد به الجنسُ، ولفظُ الجمعِ لا يدلُّ على أنَّ لله أيدي، فإنَّ هذا الأسلوبَ لا يُفيدُ هذا المعنى؛ لأنَّ من قواعد اللسان العربي أنَّ المثنى إذا أُضيف إلى صيغة الجمعِ أو إلى الجمع جُمع (١)؛ كقوله تعالى: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القمر: ١٤]، وقوله: ﴿إِنْ


= ٨٦٦ - ٨٦٧ - ٨٦٨)، وقد صحَّح هذا الأثر عن مالك: الذهبي في العلو (ص ١٣٨، رقم ٣٧٧)، وجوَّد إسناده ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٠٦ - ٤٠٧).
(١) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٤٧٨ - ٤٨١)، والصواعق المرسلة (١/ ٢٦٦ - ٢٦٨).

<<  <   >  >>