للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم مَنْ فضَّلَ عائشةَ على الإطلاق، وكلٌّ يستدلُّ بما ورد في فضل الواحدةِ منهنَّ (١).

وتوسَّط قومٌ فقالوا: إنَّ كلًّا منهما أفضلُ من الأخرى من وجه، كما ذكر شيخُ الإسلام ابنُ تيمية (٢)، وذلك بأنَّ خديجةَ لها فضلُ السَّبْقِ إلى الإسلام، والمؤازرةِ للرسول ، والمعاونةِ له على أَمرِه في وقت الشِّدَّةِ، عندما نزل عليه الوحيُ بحِرَاء وجاء يرتعدُ خائفًا، وذكر لها ما كان، وقال: إنِّي خشيتُ على نفسي، فقالت له القولةَ المعروفةَ التي تدلُّ على رجاحةِ عقلها، وعُمقِ فهمِها وعِلمِها بالله: «كلا والله ما يُخزيكَ اللهُ أبدًا، إنك لتَصِلُ الرَّحمَ، وتحملُ الكَلَّ، وتكسبُ المعدومَ، وتَقْرِي الضيفَ، وتُعينُ على نوائب الحقِّ» (٣).

وعائشةُ أفضلُ من جهة الفقهِ في الدِّين، والتبليغِ لأحكامه، فهي قد حملت عن النَّبي حديثًا كثيرًا وبلَّغته، فهذه فضيلةٌ تختصُّ بها ليست لخديجة، ولخديجة فضيلةٌ تختصُّ بها ليست لعائشة، واللهُ أعلمُ أَيَّتُهما أفضلُ عنده.

أمَّا من جهة الفضائل؛ فلكلٍّ منهما فضيلةٌ تتميَّزُ بها عن الأخرى، وكان النَّبي يحبُّ خديجةَ ويذكرها، وكان يذبح الشاةَ ويقسمُها على صديقاتها، وكانت عائشةُ تغار منها وهي ميتة (٤)،


(١) نسبه الآمدي إلى أهل السنة وأصحاب الحديث. ينظر: أبكار الأفكار (٥/ ٢٩١)، والإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة (١/ ٤٣).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣٩٣)، ومنهاج السنة (٤/ ٣٠١ - ٣٠٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣) -واللفظ له-، ومسلم (١٦٠) عن عائشة .
(٤) أخرجه البخاري (٣٨١٦)، ومسلم (٢٤٣٥) عن عائشة .

<<  <   >  >>