للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن العدد قد لا يكون له مفهوم، أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام، فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى» (١).

وقال العيني: «وكان ذلك من الطعنات والضربات وهذا من الطعنات والرميات والفرق بينهما أن الطعنة بالرمح والضربة بالسيف والرمية بالسهم مع أن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد» (٢).

فلنا أن نتخيل هذا العدد الضخم من السهام والضربات والطعنات في جسده - رضي الله عنه -، وهو ثابت لا يولي دبره لأحدٍ، ثابت لا يخاف إلا الله.

فهو يعلم أنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة.

فهذا هو الجمال المكنون في شخصيّة ذي الجناحين - رضي الله عنه -، لقد كان في جيش تعداده الثلاثة آلاف ليواجهوا مائتي ألف من الروم، فعندما حمل الراية بعد زيد بن حارثة - رضي الله عنه -، صبَّ الروم بأسهم على جعفر رضوان الله عليه، فقاتلهم على قدميه، إلى آخر قطرة من دمه، إنه يقاتل في شجاعة نادرة، وقد ألقى بالحياة وراء ظهره، يريد الشهادة في سبيل الله، فلمّا قطعوا يديه واستشهد أبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة.

ثم تأمَّل معي أيها القارئ الكريم كيف أنَّ عبد الله بن عمر بن الخطاب ب يروي فضيلة لجعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وهو من آل البيت، معظماً له، وما هذا بغريب فيمن مدحهم الله بأنهم {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (٣)، ولا على الذين ربَّاهم محمد ص، فكانوا أخوة يجاهدون سوياًّ، ويرون فضائل


(١) فتح الباري (٧/ ٥١٢).
(٢) عمدة القاري (٢٦/ ١٢٢).
(٣) سورة الفتح الآية «٢٩».

<<  <   >  >>