للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضهم، ويتصاهرون، إلى غير ذلك من سبل المودة والإخاء.

وكان من دلائل قوته وثباته - رضي الله عنه - أن «ارتفق المسلمون بجعفر هناك في «الحبشة» واعتضدوا به» (١) فهذا يدل على ثقة المسلمين به رضي الله عنه وأرضاه.

وكان فطناً داعياً إلى الحق صادقاً:

لقد كان جعفر - رضي الله عنه - ذكياً أريباً أديباً، حسن المنطق، راجح العقل، وافر الذكاء، يحسن القول في وقت القول، ويحسن ما يذكر في القول مما ينفع ولا يضر، وكان رضي الله عنه وأرضاه داعيةً حكيماً حصيفاً أريباً. ولذلك كان مُقَدَّم القوم والصحابة في الحبشة (٢)، كما مرَّ معنا في قصة هجرته إلى الحبشة، وكيف أنّه كان أميراً للمؤمنين في الحبشة.

ومرَّ معنا أيضاً ذكر قصة بعث قريش لعبد الله بن أبي ربيعة و عمرو بن العاص ليذهبا إلى النجاشي ويطلبا منه تسليم الصحابة رضوان الله عليهم الذين هاجروا إلى الحبشة والذين كان منهم جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فإن قريشاً بجاهليتها الجهلاء وغطرستها العمياء ورغبتها في العدوان والإيذاء لم تترك المهاجرين وقد تركوا لها مكة كلها وذهبوا إلى الحبشة، فلحقت بهم، وأرادت أن تردهم لتشفي غليلها بعذابهم وإيذائهم، ولتمنع تسرب الدعوة من الجزيرة إلى خارجها، ولئلا يشوه المسلمون سمعتها وصورتها عند الآخرين من الأمم والأقوام، فبعثوا حينئذٍ عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فما كان من جعفر - رضي الله عنه - إلا أن صدع بكلمة


(١) تهذيب الأسماء واللغات للنووي (١/ ١٩٦).
(٢) انظر: موسوعة الخطب والدروس، جمع وترتيب علي بن نايف الشحود.

<<  <   >  >>