ولولا علم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بصدق إسلام النجاشي رحمه الله، لما أمر بالاستغفار له والصلاة عليه صلاة الغائب، خصوصاً أن المسافة بعيدة بين مكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومكان النجاشي، وما كان النجاشي ليُسلم لولا فضل الله عليه وهدايته له أولاً، ثمَّ قوة تأثير شخصية جعفر الدعويَّة - رضي الله عنه -، التي تأثر بها النجاشي رحمه الله حتى مات على الإسلام.
وهذا إن دلَّ فإنما يدل على عمق أسلوب جعفر - رضي الله عنه - الدعوي وحجته القويَّة المقنعة التي جعلت ملكاً من الملوك يسلم على يديه. فلا عجب أن يكون أميراً على المسلمين في هجرتهم إلى الحبشة.
وفي هذا معجزة عظيمة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، حيث أعلم أصحابه بموت النجاشي، في اليوم الذي مات فيه، مع البعد الكبير في المسافة بين أرض الحبشة والمدينة.
وفاته - رضي الله عنه -:
استُشهد - رضي الله عنه - في غزوة مؤتة سنة ثمان من الهجرة (١).
ويذهب المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أسماء بنت عميس زوج جعفر الطيار الشهيد - رضي الله عنه -، ليُبلّغها خبر استشهاده وعيناه تهراقان الدموع، فيا له من مشهد يجعل العيون تدمع والقلوب تحزن لفراق جعفر - رضي الله عنه -.
فعن عبد الله بن جعفر قال: «أنا أحفظ حين دخل النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - على أمي ينعى لها... أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي وعيناه تهراقان الدموع حتى تقطر لحيته، ثم قال: اللهم إن جعفراً قد قدم إلى