للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحسن الثواب فاخلفه في ذريته ما خلفت أحداً من عبادك في ذريته، ثم قال: يا أسماء ألا أبشرك، قالت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: فإن الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة، قالت: بأبي وأمي يا رسول الله فأعلم الناس بذلك، فقام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقى على المنبر وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى، والحزن يعرف عليه، فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه إلا أن جعفراً قد استشهد وقد جعل الله له جناحين يطير بهما فى الجنة، ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فدخل بيته وأدخلني، وأمر بطعام يصنع لأهلي وأرسل إلى أخي فتغدينا عنده والله غداء طيباً ومباركاً، عمدت خادمته سلمى إلى شعير فطحنته، ثم نسفته ثم أنضجته وآدمته بزيت وجعلت عليه فلفلا، فتغديت أنا وأخي معه، فأقمنا ثلاثة أيام فى بيته ندور معه كلما صار فى بيت إحدى نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال: اللهم بارك له في صفقته، فما بعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك لي فيه» (١).

وعن عمرة قالت: سمعت عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما جاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن (٢) وأنا أنظر من صائر الباب -شق الباب- فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر وذكر بكاءهن. فأمره أن ينهاهن، فذهب ثم أتاه الثانية، لم يطعنه، فقال: «انههن». فأتاه الثالثة، قال: والله لقد غلبننا يا رسول الله، فزعمت أنه قال: «فاحث في أفواههن التراب». فقلت: أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك


(١) أخرجه ابن عساكر (٢٧/ ٢٥٧)، والبيهقي في دلائل النبوة (٤/ ٣٧١).
(٢) يعرف فيه الحزن: للرحمة التي في قلبه ولا ينافي هذا الرضى بقضاء الله.

<<  <   >  >>