للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملائكة أخلق به إذا: أن يوصف بالجناح مع كمال الصورة الآدمية وتمام الجوارح البشرية وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة: ليست كما يتوهم من أجنحة الطير ولكنها صفات ملكية لا تفهم إلا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (١) فكيف تكون كأجنحة الطير على هذا، ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة فكيف بستمائة جناح كما جاء في صفة جبريل عليه السلام (٢)، فدل على أنها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر ولا ورد أيضا في بيانها خبر فيجب علينا الإيمان بها، ولا يفيدنا علما إعمال الفكر في كيفيتها، وكل امرئ قريب من معاينة ذلك. فإما أن يكون من الذين: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ... الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (٣)

وإما أن يكون من الذين تقول لهم الملائكة وهم باسطو أيديهم: ... {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (٤) (٥).

وقد عقَّب الحافظ ابن حجر على السهيلي- بعد أن نقل كلامه السابق- فقال:

«وهذا الذي جزم به - أي السهيلي - في مقام المنع، والذي نقله عن العلماء، ليس صريحا في الدلالة لما ادّعاه، ولا مانع من الحمل على الظاهر، إلا من جهة ما ذكره من المعهود وهو من قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف، وكون الصورة البشرية أشرف الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره لأن الصورة باقية» (٦).


(١) سورة فاطر الآية «١».
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ١١٨١)، رقم (٣٠٦٠)، ومسلم (١/ ١٥٨)، رقم (١٧٤).
(٣) سورة فصلت الآية «٣٠» ..
(٤) سورة الأنعام الآية «٩٣».
(٥) الروض الأنف (٤/ ١٢٧ - ١٢٨).
(٦) فتح الباري لابن حجر (٧/ ٥١٦).

<<  <   >  >>