للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآن لنعش ونستشعر قصة هجرة جعفر - رضي الله عنه - إلى الحبشة هو وزوجته وبعض المسلمين الذين أُذن لهم في الهجرة إلى الحبشة مع جعفر - رضي الله عنه -، وأسباب هذه الهجرة، والأحداث التي مرَّ بها جعفر - رضي الله عنه - وآل بيته في الحبشة.

قال ابن إسحاق: فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد (١)، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجاً فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام (٢).

ولعل معرفة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - واطلاعه على أحوال الأحباش وخصوصيات ملكهم تأتي في سياق العلاقات التجارية لقريش، وقد مضى معنا قول الطبري: «وكانت أرض الحبشة متجراً لقريش، يتجرون فيها، يجدون فيها رفاغاً من الرزق وأمناً، ومتجراً حسناً» (٣).

قال ابن إسحاق: ثم خرج جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة، فكانوا بها، منهم من خرج بأهله معه


(١) جوَّد الألباني في السلسلة الصّحيحة (٣١٩٠) إسناد الحديث ولفظه مرفوعاً: (إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه).
(٢) سيرة ابن اسحاق (٢/ ١٥٥)، وسيرة ابن هشام (١/ ٣٢١، ٣٢٢).
(٣) انظر: ص (٦٦) هامش (٢).

<<  <   >  >>