قاموا بالمشورة فيما بينهم، وتوحدت كلمتهم واجتمع أمرهم، وانتدبوا المتحدث باسمهم وكان جعفر - رضي الله عنه -، وهم في هذا كأنما يمثلون أوضاع الجاليات المسلمة في بلادٍ غير إسلامية كما هو حال كثيرٍ من المسلمين اليوم.
٢. لقد أحسن جعفر - رضي الله عنه - المقالة، وكان صاحب أسلوب مميز، فإنه بدأ كلامه بقوله:«أيها الملك»، وهذا فيه تنزيلٌ للناس منازلهم، لكي يكون هناك رابط وجسر يمتد منه الحديث لتكوِّن أرضيَّة موحدَّة تؤدي إلى تأليف قلب المستمع، فيسمع ويصغي بكلِّه، وليس في هذا حرجٌ شرعيٌ، وليس فيه شيء من التعظيم لغير المسلم، بل فيه وصفٌ لحقيقته التي هو عليها، فهو ملك تلك البلاد.
٣. سرد جعفر - رضي الله عنه - عيوب وفواحش الجاهلية بأسلوب بليغ وصيغة موجزة، فلم يحتج النجاشي للسؤال بمزيد من التفاصيل عن الجاهلية التي كانوا فيها قبل الإسلام، هذا الأسلوب كان له الأثر البليغ في قلب النجاشي ممَّا جعله ينفر من الجاهلية ومساوئها، ثمَّ سرد - رضي الله عنه - بعد ذلك محاسن الإسلام التي هي مضاده لمساويء الجاهلية بنفس الأسلوب المُميَّز الذي تكلم فيه عن مساويء الجاهلية، فأوقع في ذهن النجاشي الصورة المتكاملة والمقارنة الموجزة لحالة المسلمين قبل وبعد الإسلام.
٤. قد يكون المغزى في إختيار الصحابة وإجماعهم على جعفر - رضي الله عنه - كمتحدث باسم المهاجرين إلى الحبشة أمام النجاشي هو كونه ابن عم رسول الله ص فهو أعرف به وألزم له من غيره من بقية الصحابة الذين كانوا في الحبشة، فإخباره عن رسول الله صيكون عن بصيرة وعلم