للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحيى وعيسى عليهم السلام جميعاً، وفيه ذكر أمورٍ يعرف جعفر أن النجاشي يعرفها من كتابه ودينه.

٨. أعداء الإسلام لا يستسلمون في كل زمان ومكان، فهدفهم الرئيسي هو إبادة الإسلام والمسلمين، حتى لو كانوا مختلفين مع حلفائهم في العقيدة والدين، فها هو عمرو بن العاص - رضي الله عنه - داهية العرب لم يستسلم بعد إعطاء النجاشي الأمان للمسلمين، فذكر للنجاشي أمراً متعلقاً بالعقيدة والدين؟ لنعلم أن المحرك الأساسي والجوهري في اتخاذ المواقف إنما هو العقيدة والمبدأ قبل المصلحة والمنفعة. فقد هدَّد عمرو وأقسم بإخبار النجاشي أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليه السلام عبد، لعلمه أنهم يقولون بألوهية عيسى عليه السلام.

وهنا نرى ميلَ عمرو بن العاص وقد كان وثنياً مشركاً -حينها - للنصرانية.

فهو يريد الفتنة، وهذا ديدن أعداء الإسلام.

٩. ثبات جعفر - رضي الله عنه - حتى في المرة الثانية التي دعاهم فيها النجاشي، رغم أنَّ الدعوة الثانية كانت أصعب لما فيه من مساس بعقيدة النصارى والتي كان يدين بها النجاشي، فقد قال: نقول ما جاء به نبينا ص، فليس القول قولنا، وليس هو اجتهاد وإنما هو دين ووحي. فعيسى؛ عبد ورسول أرسله الله كما أرسل محمداً ص. وهو بهذا جمع محاسن عقيدة الإسلام في هذه المسألة المهمة، فالله يبرئ مريم عليها السلام مما يقذفها به بعض اليهود فلا عيسى عليه السلام ابن الله، ولا هو الله، بل هو بشر كسائر البشر، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} (١).


(١) الثفروق بضم الفاء - قمع التمرة، أو ما يلتزق به قمعها، ويعني هنا الشيء اليسير.

<<  <   >  >>