ولا يخفى من صنيع المصنف بحسب تتبعه أنه أراد بالمختلف فيه أن يكودن في بعض الكتب متصلًا، وفي بعضها موقوفًا، فحينئذٍ يشير إلى أن الحديث في رواية فلان موقوف، وفي رواية غيره متصل، ومثل هذا كثير في كتابه، وهو أن يأتي برموز أو رمز، ثم يأتي بـ "مَوْ"، ثم يأتي برموز أو رمز، وفعله هذا لا ينافي ما عليه المحققون كما سبق، فاندفع من أصله الإشكالُ، والله أعلم بالأحوال.
(على أني) متعلقٌ بقوله: "فجعلت"، أو "أُقدِّم"، أو "اختلف"، أو بقوله:"رمزت"، ذكره ميرك، والأخير أنسب معنًى؛ أي: رمزت مع أني، أو بناءً على أني (لم أجعل هذه الرموز إلا لعالمٍ يربأ بنفسه عن التقليد) أي: يرفعها عن مرتبة حضيض التقليد، إلى منزلة رفعة التحقيق والتأييد، و"يربأ" بفتح الياء والموحدة فهمز على وزن يقرأ، من قولهم: إني لأربأ بك عن هذا الأمر، أي: أرفعك عنه، على ما في "التاج".
ثم المراد بالتقليد هنا قبول الحديث ممن ليس له إسنادٌ متصلٌ إلى النبي ﷺ في روايته، وإنما ينقل الحديث من كتب المخرجين من أهل الحديث كالبخاري وغيره، وهذا من غاية تواضع الشيخ، ونهاية إنصافه، هالا فهو من أهل التصحيح، ومن طبقة ذوي الترجيح، كما يعلم مرتبته من "تصحيح المصابيح".
فإذا حكم بحديث أنه صحيح أو حسن أو ضعيف أو موضوع، فكلامه معتبر عند أرباب الحديث؛ فإنه إمام في فن علم الحديث، وكذا