للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة: "رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما"، لكنها مخالفة لما ذكره المصنف، حيث قال: "الرحمن الرحيم: مشتقان من الرحمة، مثل ندمان ونديم من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، وهو خاص بالله تعالى لا يسمى به غيره ولا يوصف، بخلاف الرحيم فإنه يوصف به غيره، ولذلك ورد في الدنيا ولم يرد في الآخرة" (١)، انتهى.

ولا يخفى عدم ظهور ارتباط وجه التعليل الذي ذكره بما قبله، بل إنما يلائم لما قبل من أن رحمة الرحمن لعمومه المستفاد من زيادة المبالغة أن يكون في الدنيا عامة للمؤمن والكافر، بخلاف رحمة الرحيم؛ فَإِنَّه مع إفادة مبالغة مختصة برحمة المؤمنين كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦].

لكن التحقيق: أن رحمة "الرحمن" عامة للخلق في الدنيا والآخرة، ولذا ورد: "رحمن الدنيا والآخرة" كما في الحديث الذي يليه، وأن رحمة الرحيم متعلقة بالمؤمنين خاصة في الدارين كما قال في هذا الحديث: "رحمن الدنيا ورحيمها"، ولعل ما ورد في بعض الروايات: "يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة" روعي فيه جانب التغليب في كل منهما.

فإن قيل: أَيُّ رحمة توجد في حق الكفار حال خلودهم في النار؟ قلت: نعمة الوجود، وسائر وجوه الإدراكات منح صورة وإن كانت محنًا حقيقة.


(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٤ / أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>