وهنا مسلك دقيق للصوفية حيث قالوا:"إن الاستغفار من الذنب ذنبٌ آخرُ لتضمنه دعوى الوجود والقدرة والفعل لما سواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
(وأما إذا قال: أتوب إلى الله، ولم يتب فلا شك أنه كذب) أقول: وكذا إذا قال: أستغفر الله، ولم يطلب المغفرة بأن يكون خالي الذهن، فلا شك أنه كذب، وأما إذا أريد بهما الدعاء -وإن كان بلفظ الإخبار- فلا يكون ذنبًا، ولا كذبًا، فيوافق حينئذٍ قوله:(وأما الدعاء بالمغفرة والتوبة فإنه وإن كان غافلا) أي: لاهيًا غيرَ مستحضر لطلب المغفرة، وحصول التوبة، ويستحق عليه المقت في الجملة، (فقد يصادف وقتًا) أي: يجد زمانًا لإجابة الدعاء ضمنًا، (فيقبل) بصيغة المجهول أي: فيقبل حينئذٍ دعاؤه، وإن لم يكن مقيّدًا بحضور قلبه وسائر شروطه.
(فمن أكثر طرق الباب) أي: دقه للدخول وملازمة الوصول (يوشك أن يلج) أي: يقرب أن يدخل إلى الباب، ويصل إلى مرتبة الثواب، وحسن المآب كما قيل:"من لج ولج".
وفيه: أن هذا المعنى يعم الدعاء والذكر والصلاة والتلاوة وسائر الوسائل مما دُوِّن فيه الرسائل، ويقصده كل طالب وسائل، سواء يكون بلفظ الإخبار أو على جهة الإنشاء.
(ويوضح ذلك) أي: يبين ما قررناه، ويعين ما حررناه، (إكثاره ﷺ في المجلس الواحد منه) أي: من قوله أستغفر الله، (مئة مرة) أي: لما كان