(قال صاحب الروض: "قال في الفنون" الفنون كتاب لابن عقيل ﵀، وسمي فنونًا لأنه جمع فيه الفنون كلها، وهو كتاب رأينا شيئًا منه، ولا بأس به لكن ليس بذاك الكتاب الذي فيه التحقيق الكامل في مناقشة المسائل، إنما ينفع طالب العلم بأن يفتح له الأبواب في المناقشة. يقول: "الكعبة أفضل من مجرد الحجرة"، أي: حجرة قبر النبي ﷺ، وهذا لا شك فيه، والحجرة ليس فيها فضل إطلاقًا؛ لأنها بناء، ثم هذا البناء الآن بناء محدث على قبر النبي ﷺ، لكن مراده بقوله: الحجرة أي حجرة عائشة، وهو البيت الأول الذي دفن فيه الرسول ﷺ، فالكعبة أفضل من البيت الذي كان الرسول ﷺ ساكنه، ودفن فيه. قال في الفنون: "فأما والنبي ﷺ فيها - أي في الحجرة - فلا والله، ولا العرش وحملته ولا الجنة". أي: أن الحجرة التي فيها قبر النبي ﷺ أفضل من الكعبة، وأفضل من العرش، وأفضل من حملة العرش، وأفضل من الجنة. قال: "لأن بالحجرة جسدًا لو وزن به لرجح"، وهذا التعليل عليل، فلو قال: إن الجسد أفضل لكان فيه نوع من الحق. أما أن يقول الحجرة أفضل؛ لأن فيها هذا الجسد، فهذا خطأ منه ﵀. والصواب أن هذا القول مردود عليه، وأنه لا يوافق عليه، وأن الحجرة هي الحجرة، ولكنها شَرُفت بمقام النبي ﷺ فيها في حياته وبعد موته. وأما أن تكون إلى هذا الحد، ويقسم ﵀ أنه لا تعادلها الكعبة، ولا العرش، ولا حملة العرش ولا الجنة فهذا وهم وخطأ، لا شك فيه.