للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾، فقابل المساء بالصباح، والعشي بالظهيرة، وأيضًا فكيف يُعْمَلُ في قوله: "أسألك خير هذه الليلة وخير ما بعدها"، وهل تدخل الليلة إلا بالغروب؟ " (١)، انتهى.

وقد سبق ما يستفاد منه أن الصحيح في هذا المقام أن يراد بالصباح أول النهار، وبالمساء أول الليل، كما يدل لفظ اليوم والليلة صريحًا عليهما، وأما إرادة النهار والليل جميعًا من الصباح والمساء كما يوهمه كلام المصنف، وإن كان صحيحًا بطريق الحقيقة أو المجاز، كما قالوا في قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢]، ولكن المراد هنا أطرافهما، كما يشير إليه العنوان، ويشعر إليه حديث: "من قرأ حين يصبح حفظ حتى يمسي" وعكسه، والله سبحانه أعلم.

ثم إنه لا ينافي قول بعض أرباب اللغة: "إن للمساء معنًى آخر، يستعمل في محل لائق به"؛ ولذا قال في "المغرب": "المساء: ما بعد الظهر إلى المغرب عن الأزهري، وعك هذا قول محمد: المساء مساءان، إذا زالت الشمس، وإذا غربت".

(رب أعوذ بك من الكسل) بفتحتين، أي: التثاقل في الطاعة، (وسوء الكبر) بضم السين ويجوز فتحها، وبهما قرئ: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ [الفتح: ٦]، وهما لغتان كالكَره والكُره، والضَعف والضُعف، وأما الكِبَر


(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ٦/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>