للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيكون الأول للصفة، والثاني لأثرها [المترتب] (١) عليها، ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه، وأن ذلك كله راجع إليه وحده لا إلى غيره، وهذا معنى قول بعض العارفين: "التوحيد إسقاط الإضافات" (٢).

وجاء في رواية تقديم الجملة الثانية على الأولى (٣)، وجعلها الغزالي (٤) هو الأولى لمراعاة الترتيب في الترقي، الملائم لقوله: (وأعوذ بك منك) الدال على ملاحظة الذات من غير شعور الأفعال والصفات، وهذا غاية التوحيد، ونهاية التفريد الحاصل للمريد، المنعم عليه في مقام المزيد، وهو إجمال ما سبق من قوله: "لا ملجأ ولا منجا منك إلَّا إليك".

ونقل المصنف نكتةً لطيفةً، وحكمةً شريفةً، حيث قال: "قال [الخطابي] (٥): إن في هذا معنًى لطيفًا، وهو أنه استعاذ بالله وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط


(١) كذا في (أ) و (ج)، وفي (ب) و (د): "المُرَتَّب".
(٢) قاله الجنيد كما في مرقاة المفاتيح (٤/ ١٥٨٤) ومعناه: فَهُوَ بَيَان تَوْحِيد الْأَفْعَال حَيْثُ يتَعَيَّن فِيهِ أَنْ يسْقط عَن نظره مُلَاحظَة الْأَسْبَاب والآلات ليتضح لَهُ أَنَّ الْخلق جَمِيعًا لَا يَمْلكُونَ لِأَنْفُسِهمْ ضَرًّا وَلَا نفعا وَلَا يملكُونَ موتًا وَلَا حَيَاة ولا نشورًا. انظر: الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص: ١٦).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٢٨٨٣)، والنسائي في "الكبرى" (١٠٦٦١)، وأبو يعلى في "المسند" (٤٥٤٧)، والطبراني في "الأوسط" (١٩٩٢)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٧٦٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٢٧).
(٤) "إحياء علوم الدين" للغزالي (٤/ ٨٥).
(٥) معالم السنن (١/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>