للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظاهرة والباطنة، (لا يهدي لأحسنها إلا أنت) إشعار بأن لا استقلال للعقل في معرفة حقائق الأشياء، وتحسين الأفعال والأحوال، (واصرف) أي: ادفع (عني سيئها) أي: الأخلاقَ السيئة (لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك) سبق الكلام [عليهما] (١)، (والخير) أي: أفراد الخير (كله) أي: جميعه (في يديك) أي: في قدرتك، وذكر اليد والتثنية عبارة عن غاية التصرف، ونهاية كمال القدرة، وفي نسخة: "بيديك" والأول أبلغ، أي: الكل عندك كالشيء الموثوق به المقبوض عليه، يجري مجرى قضائك وقدرك، لا يدرك من غيرك ما لم يسبق به كلمتك.

(والشر ليس إليك) أي: ليس إليك قضاؤه، فإنك لا تقضي الشر من حيث هو شر، بل لما يصحبه من الفائدة الراجحة، فالمقضي بالذات هو الخير والشر، داخل في القضاء بالعرض، وقيل: معناه أن الشر ليس شرًّا بالنسبة إليه، وإنما هو شر بالنسبة إلى الخلق.

وقال المصنف: "معناه عند أهل الحق من السلف والخلف أن جميع ما يكون من خير وشر، ونفع وضر من الله تعالى، وبإرادته وتقديره، فالتقدير: والشر لا يتقرب به إليك؛ إذ لا يصعد إليك، بل يصعد الكلم الطيب، أو لا يضاف إليك أدبًا، فلا يقال: يا خالق الشر، وإن كان خالقه، كما لا يقال: يا خالق الكلاب والخنازير، وإن كان خالقهما" (٢).


(١) كذا في (ج) و (د)، وفي (أ) و (ب): "عليها".
(٢) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٠/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>